حكاية بين الظل والنور

هل تبدو هذه اللوحة بريئة بالنسبة لك؟

لوحة The Swing (1786) للفنان جان أونوريه فراجونارد: رمز الرقي والفن في القرن الثامن عشر.


امرأة جميلة تتأرجح برفق، فستانها الوردي يتطاير مع حركة الهواء. للحظة، يبدو كل شيء بريئًا، كأننا أمام مشهد من حكاية خرافية. لكنها ليست كذلك.

أسفلها، في ظلال الشجيرات، رجل مستلقٍ، يراقبها بنظرات تحمل ألف سر. هو ليس مجرد عابر سبيل. إنه عشيقها. وعلى الجانب الآخر، هناك رجل أكبر سنًا، يمسك بحبال الأرجوحة بحنان وثقة. إنه زوجها. يبدو غافلاً لما يحدث.

الأرجوحة، تلك الحركة البسيطة التي تجسد ترددها بينهما، ذهاباً وإياباً، مثل قلبها الذي لا يعرف الاستقرار. حبال الزوج تمثل القيود، الزواج، الالتزام. لكنه ليس السيد هنا. هي التي تتحكم في المشهد، بثقة وابتسامة خفية، كأنها تقول: “حتى وأنا مقيدة، أنا من يملك القوة.”

قدمتها الصغيرة تهتز برقة، تداعب الهواء، وتُرسل رسالة صامتة نحو تمثال كيوبيد الذي يضع إصبعه على شفتيه. هل يعدها بحفظ السر؟ ربما. لكن التماثيل الأخرى على يمين اللوحة تنظر بذهول، وكأنها شاهدة على هذا العبث.

وفي الخلفية، صوت نباح كلب غاضب. الوفاء هنا يصرخ، يعلن استياءه. لكنه صوت ضائع في زحمة المشاعر.

في الختام، هذه اللوحة ليست بريئة. إنها مشهد فاضح، صامت، يعكس لعبة القوة والمكر، لعبة لا يربح فيها إلا من يتحكم بالأرجوحة.

Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
X
WhatsApp
Threads
Facebook
Print
جميع الحقوق محفوظة لمدونة تركي 2025 © - المملكة العربية السعودية
Scroll to Top